ويقتضي التدبير الجيد للموارد البشرية ربط أداء أجور موظفي وأعوان الإدارة بمدى التزامهم بالقيام الفعلي بالمهام المنوطة بهم، وهو الأمر الذي يصعب تحقيقه في ظروف تتسم بتفشي ظاهرة التغيب غير المشروع عن العمل، هذه الظاهرة التي من شأنها نسف الجهود المبذولة من طرف الحكومة من أجل تخليق الإدارة وترشيد التدبير العمومي، والمس تبعا لذلك بمصداقية عمل الحكومة في هذا المجال وبسمعة الإدارة.
لذا، واعتبارا لمتطلبات الحياة الإدارية وعقلنة تدبير الموارد البشرية، فإن الحكومة عاقدة العزم، في إطار برامج الإصلاح التي اعتمدتها، على التصدي لظاهرة التغيب غير المشروع عن العمل من خلال توظيف وتفعيل مختلف الآليات القانونية والتنظيمية والتقنية المتاحة. ويعتبر مشروع وضع سجل مركزي للموظفين والأعوان، الذي تشرف عليه وزارة تحديث القطاعات العامة، أداة أساسية على هذا المستوى، بحيث سيشكل القاعدة الخلفية الداعمة لعمل الحكومة في مجال ترشيد تدبير الموارد البشرية من خلال ضبط أعداد الموظفين.
وقد تقرر، في إطار العمل على احتواء هذه الظاهرة، أن تقوم كل الإدارات، مرتين في السنة في آجال لا تتعدى نهاية شهري ماي ونونبر، بإعداد شهادات جماعية بأسماء الموظفين المزاولين عملهم بصفة فعلية توقع من لدن رؤساء المصالح الجهوية فيما يتعلق بالموظفين العاملين بالمصالح اللاممركزة، ومن طرف مديري الموارد البشرية أو من يقوم مقامهم بالنسبة للموظفين العاملين بالمصالح المركزية؛ وتحال هذه الشهادات الجماعية التي يجب وضعها في شكل لائحة إلكترونية بالمواصفات التقنية المحددة في النموذج 1 رفقته، من طرف السادة رؤساء الإدارات، داخل الآجال السالفة الذكر وبواسطة رسالة وفق النموذج 2 الملحق بهذا المنشور، على مكتب أداء الأجور الرئيسي الذي يقوم خلال شهري يونيه ودجنبر اللذين يتم فيهما التوصل بهذه اللائحة، باعتماد مسطرة أداء الأجرة عن طريق حوالة فردية بالنسبة للموظفين والأعوان غير المدرجة أسماؤهم في الشهادات الجماعية، وذلك لمدة ثلاثة أشهر.
وينبغي على رئيس الإدارة المعنية أن يقوم، داخل المدة المذكورة، بموافاة مكتب أداء الأجور الرئيسي بجميع المعلومات والتوضيحات بشأن عدم إدراج أسماء المعنيين بالأمر في الشهادات المذكورة وبالإجراءات المتخذة لتسوية وضعيتهم عند الاقتضاء. وفي حالة عدم توصل مكتب أداء الأجور الرئيسي بالمعلومات السالفة الذكر بعد انقضاء هذه المدة، يقوم بإيقاف صرف أجور الموظفين والأعوان المعنيين.
وإنني إذ أحيلكم على منشور السيد الوزير المكلف بتحديث القطاعات العامة رقم 4 بتاريخ 19 ماي 2003 الذي يحدد الضوابط الأساسية التي ينبغي الالتزام بها على مستوى تدبير ملفات التغيب عن العمل بصفة غير مشروعة، ألفت نظركم إلى أن مسطرة ترك الوظيفة المنصوص عليها في الفصل 75 مكرر من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية تظل الآلية الاساسية لزجر هذا السلوك؛ ويتبغي، بالتالي، العمل على تفعيلها بشكل ممنهج في حق الموظفين المتغيبين عن العمل بصفة غير مشروعة.
وفي هذا الصدد، فإن تفعيل هذا الإجراء في الحالة التي يتعذر فيها تبيلغ الإنذار إلى الموظف المعني، يقتضي أن يتم اللجوء إلى مسطرة إيقاف أجرة الموظف المؤاخذ بترك الوظيفة فورا، طبقا لما تنص عليه الفقرة الرابعة من الفصل 75 مكرر السالف الذكر. والمصالح المختصة مطالبة بتفعيل هذا الإجراء بكل استعجال وفي أجل أسبوع على أكثر تقدير؛ إذ تجب الإشارة إلى أنه تبين من خلال رصد ظاهرة التغيب غير المشروع عن العمل أن الأمر يعود أساسا إلى تقاعس بعض المصالح الإدارية المختصة عن التعامل معها بالجدية والصرامة اللازمتين، وإلى عدم التزام بعض المسؤولين بالضوابط المنصوص عليها في القوانين والأنظمة الجاري بها العمل والتي يقتضيها التدبير الجيد للموارد البشرية.
هذا وسيعهد إلى لجنة تضم ممثلين عن وزارة تحديث القطاعات العامة، والمراقبة العامة للالتزام بنفقات الدولة، والمكتب الرئيسي لأداء الأجور، والإدارة المعنية بالبت في النزاعات المترتبة عن اعتماد الإجراءات التي يتضمنها هذا المنشور وبالتتيع التقني لهذه العملية وتقويمها.
وإنني إذ أطلب منكم حث المصالح المختصة لتابعة لكم على إيلاء هذا الموضوع ما يستحقه من اهتمام تجنبا لعرقلة عملية أداء أجور الموظفين والأعوان التابعين لكم، أدعوكم إلى تعبئة جميع الوسائل البشرية والتقنية الضرورية لرصد كل حالات التغيب غير المشروع عن العمل واتخاذ الإجراءات القانونية والإدارية في حق المعنيين بالأمر.
هل أعجبك الموضوع ؟